محاربة إسرائيل.. بالشباشب !!

"محروقة يا إسرائيل.. الجيش المصري مش مليون ولا اثنين.. الجيش المصري 80 مليون، ده لو شبرا، والحلمية، والدويقة، والوايلي، وعين شمس، وإمبابة طلعوا بس بالشباشب.. نص ساعة والمشير يكون رافع العلم المصري في تل أبيب!".

هذه عينة عشوائية من كتابات وتعليقات مواطنين مصريين مختلفي الثقافة والتوجّهات والأعمار، تداولوها على الإنترنت منذ مساء يوم الخميس الماضي وحتى الآن؛ احتجاجا على استشهاد جنودنا على حدودنا مع فلسطين المحتلة.

الفتاة التي كتبت "حرب الشباشب" -على صفحتها- بريئة وتحلم بوطن متحرر، وترى فيما فعله العدو الصهيوني إهانة لا تغتفر، وتحتاج ردا عاجلا، وتعتقد -بحسن نية- أن المعركة مع العدو يمكن حسمها بعدد السكان، وربما بالشباشب أيضا.

لو كان الأمر بالشباشب ما كانت إسرائيل قد تمّ زرعها أصلا في وطننا العربي؛ لأننا كنّا نملك شباشب كثيرة منذ عام 1948، لكن هذا السلاح لم يفدنا كثيرا مع أسلحة الملك الفاسدة، والجهل، والتخلّف، والاستعمار من جهة، واستعدادات العدو وتقدّمه من جهة أخرى.

مثل هذه النظرة البريئة للحرب موجودة لدى مصريين كثيرين، وبعضهم مستعدّ للذهاب إلى سيناء الآن؛ كي يدافع عن حدوده وينتصر أو يلقي الشهادة، لكنه لا يُفكّر كيف يمكن تحقيق ذلك؟

هؤلاء الشباب المثاليون هم الأمل في المستقبل، وهم الذين فجّروا ثورة 25 يناير، ولا تشغلهم تعقيدات السياسة وتلوثها حينا، وقذارتها أحيانا.

لو فُرض القتال علينا فلا مفر من المواجهة، لكن المؤكّد أنه لا أحد عاقل يعرف حقيقة الوضع ويطالب الحكومة المصرية بإعلان الحرب على إسرائيل الآن، نحن في وضع حسّاس جدا؛ لدينا ثورة، ولدينا قوى مضادة كثيرة نريد إجهاضها، من الإسرائيليين والأمريكيين مرورا بقوى تقول إنها شقيقة في المنطقة، ونهاية ببقايا نظام حسني مبارك.

المعركة الحقيقية التي ينبغي أن نخوضها الآن هي بناء نظام سياسي قوي والإسراع بإجراء انتخابات مجلس الشعب، ورئيس الجمهورية وعودة الجيش بأسرع وقت إلى مهمته الأصلية وهي حماية الحدود، وأن نعمل على بناء قوة شاملة حقيقية دونها لن ننتصر على إسرائيل أو غيرها.

هل معنى ذلك أن نضع أيدينا على خدودنا، وننتظر حتى نكون قادرين على مواجهة إسرائيل عسكريا؟!

الإجابة هي لا؛ لأن لدينا عشرات أوراق الضغط التي نستطيع بها مضايقة إسرائيل وإصابتها بـ"الزهق والطهق والقرف"، ومن دون أن نطلق رصاصة واحدة:

- نستطيع أن نستدعي سفيرنا من تل أبيب.. وأن نصيب سفيرهم بـ"العزلة" حتى "يطفش".

- نستطيع أن نوقف اتفاقيات "الكويز" التي تحوّلت إلى باب ملكي؛ لفرض التطبيع ولا تفيد إلا مجموعة من رجال الأعمال.

- نستطيع عرقلة دخول السائحين الصهاينة، و"ملعون أبو الشيكلات" التي تأتي من هؤلاء البخلاء الذين يعبرون الحدود حاملين أكلهم معهم.

- نستطيع أن نطلب رسميا إعادة النظر في معاهدة كامب ديفيد، ولا يعقل أن نقبل أن نستمر حراسا للحدود أو وكلاء عن إسرائيل في حفظ الأمن.

بموازاة ذلك علينا استعادة الهدوء إلى سيناء، وإقناع الفصائل الفلسطينية في غزة ألا تتحول إلى خنجر في ظهورنا أو ينفذوا عمليات تبدو فدائية، لكن بعضهم يعمل من دون أن يدري لمصلحة إسرائيل، وليس معقولا أن تفرض علينا منظمات مجهولة في غزة موعد الحرب مع إسرائيل.

حسني مبارك الذي كان كنزا استراتيجيا لإسرائيل، ورغم كل خدماته للصهاينة كان يقيم سلاما باردا معهم.. فهل تكون مصر الثورة أقل وطنية من مبارك؟! نريد بعض الإجراءات التي تطمئن المصريين بأن هناك ثورة .