التعريف المختار للذكاء
الذكاء هو القدرة على التفكير السليم المنطقي واستنباط المعنى والاستفادة من الخبرات والحكم على الأمور ببعد نظر.
أنواع الذكاء
لقد وجهنا الله سبحانه في كثير من الآيات القرآنية إلى استخدام قدراتنا العقلية حتى نصل إلى اكتشاف الحقائق والأدلة والبراهين العقلية المؤيدة لحقيقة الكون الإلهي.
وعادة ما نطلق على مثل هذه القدرات تعبير ) الذكاء المجرد ) و( الذكاء التجريدي ). وهناك نوع آخر من الذكاء تناوله القرآن الكريم ألا وهو ما يسمى بالذكاء الاجتماعي بشكل مقبول ومعقول، وفق المعايير والأسـس المتفـق عليها، بالإضافة إلى القدرة على استخدام الخبرات المتعلمة في المواقف الجديدة.
هذا بصورة عامة، أما في حالة الحديث الاجتماعي بشكل خاص فإننا نجد بأن تعريف الاجتماعي لثورندايك يشير إلى أنه القدرة على فهم الآخرين وكيفية التعامل معهم .
وبالرغم من أن مفهوم (الذكاء الاجتماعي) يعتبر من المفاهيم حديثة العهد، إلا أن القرآن أشار إليه ووجه أنظار المسلمين تجاهه، بل ووضع لهم تعريفاً متكاملاً له:
) ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون ، ولو انهم صبروا حتى تخرج اليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم). الحجرات : 4
وهكذا نرى في الآيات السابقة إشارة واضحة إلى الأساليب غير الاجتماعية في التعامل مع الآخرين والتي تتنافى مع مفهوم الذكاء الاجتماعي والتي يجب البعد عنها مع الحث على اتباع السلوك السليم الذي يدل على حسن استخدام الإنسان لقدراته العقلية بشكل اجتماعي مقبول ومفيد.
مظاهر الذكاء
الذكاء هو الوجه الآخر لمفهوم القدرات العقلية، إذ أنه وكما هو معروف، لا توجد آلة أو جهاز يمكن عن طريقه التعرف على ما لدى الفرد من قدرات عقلية أو التوصل إلى مستوى ذكائه. ولكن يمكن تقدير مستويات الذكاء نسبياً بشكل غير مباشر عن طريق ملاحظة السلوك العام أو بعض مظاهر السلوك أثناء تأدية الفرد لبعض النشاطات العقلية نظرية كانت أم عملية أم اجتماعية.
- فإذا ما استطاع الفرد أن يستخدم قدراته العقلية في التوصل من العام إلى الخاص مثلاً، فإن ذلك يعتبر مظهراً من مظاهر الذكاء، قال الله تعالى: (وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار افلا تعقلون ) (المؤمنون 80 (
- وقد تبدو مظاهر الذكاء في اتجاه الإنسان إلى التفكير في وجود السماوات والأرض وطبقات الجو وما خلق الله من إنسان ودواب وطيور وأشياء مادية أخرى، وفي نظام الكون وإحكام تدبيره، ونوع ما يؤدي به إلى التعرف على الحقائق واكتشاف ما خفي منها عن الأذهان، وهذا الموقف هو مغاير ومعاكس لموقف فرعون تماماً لأنه طعن وظن أنه إله فجحد وجود الخالق ودل على جهله وغبائه وقصور قدراته عن الاستدلال كما يفعل أصحاب العقول والأفكار والبصيرة.
جاء في محكم الكتاب المبين:
) َقال فرعون وما رب العالمين، قال رب السماوات والارض وما بينهما ان كنتم موقنين،قال لمن حوله الا تستمعون ، قال ربكم ورب آبائكم الاولين ، قال ان رسولكم الذي ارسل اليكم لمجنون ، قال رب المشرق والمغرب وما بينهما ان كنتم تعقلون) (الشعراء 23 – 28 (
- ومن مظاهر الذكاء القدرة على التصنيف. فعندما يرتفع مستوى الذكاء تتسع مدارك الإنسان فيصبح أكثر قدرة على تصنيف الأشياء بعدة طرق وأساليب متنوعة.
أما في حالة عدم تنمية القدرات العقلية فإن القدرة على التصنيف تصبح محدودة لدرجة تجعل من الصعب على الإنسان تصنيف الأشياء بشكل واسع، قال تعالى:
( وفي الارض قطع متجاورات وجنات من اعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفصل بعضها على بعض في الاكل ان في ذلك لايات لقوم يعقلون) (الرعد4( .
4- ومن مظاهر الذكاء استخدام الإنسان للأدلة العلمية ومتابعة الأحداث ومقارنة الوقائع وفحص البراهين للتوصل إلى إقرار حقيقة علمية أو نفيها. فلقد أنكر الله سبحانه على اليهود والنصارى دعواهم بأن إبراهيم (عليه السلام) منهم، على الرغم من علمهم بأن زمنه كان سابقاً لهم. ولو أنهم استخدموا قدراتهم العقلية بشكل ذكي لعرفوا تلك الحقائق ولاكتشفوا خطأهم بأنفسهم دون عناء.قال تعالىيا اهل الكتاب لم تحاجون في ابراهيم وما انزلت التوراه والانجيل الا من بعده افلا تعقلون) (آل عمران 65(.
الذكاء ومرحلة الطفولة
إذا كان الذكاء هو القدرة على التفكير السليم المنطقي واستنباط المعنى والاستفادة من الخبرات والحكم على الأمور ببعد نظر فهل يقال إن الطفل الذكي دائماً طفل شقي .. فهل الذكاء موهبة خلقت مع الطفل منذ ولادته ويعبر عنها بالشقاوة الزائدة أم أن الذكاء تنمية لقدرات الطفل بعد ولادته واكتسابه له من خلال الاحتكاك بالحياة مع الآخرين ؟
إن الذكاء عادة ما يتحدد بالعامل الوراثي بنسبة 60 % إلى 65 % كما أن الذكاء يمكن أن يكون ذكاء اجتماعياً أو ذكاء حسابياً ، فالذكاء الاجتماعي هو القدرة على إقامة العلاقات الاجتماعية وعلى التصرف وسط الجماعة بتلقائية ونجاح، وهو الذي يأتي من خلال التنشئة الاجتماعية ومن خلال درجة الاختلاط بالبيئة المحيطة بالطفل ودرجة السماح له بالتعامل مع المتغيرات البيئية والقدرة على الاحتكاك الاجتماعي وزيادة المؤثرات التي تنمي قدراته العقلية وتظهر مواهبه .
أما الذكاء الحسابي فهو القدرة على حل المشاكل والقدرة على ربط الأشياء ببعضها واستنباط العلاقات التي تقاس بالاختبارات والمقاييس السيكولوجية التي تحدد قدرة الطفل على حل المشاكل عن طريق التفكير بينه وبين نفسه .
وعندما نتحدث عن الذكاء بصورة عامة سواء كان حسابياً أم اجتماعياً ، فمما لا شك فيه أن الطفل الثالث أو الرابع في الأسرة تكون فرصته أكبر في مستوى ذكائه كلما أتيحت له الظروف الملائمة وكانت خبرة الوالدين أعمق في التنشئة السليمة والاستفادة عن طريق تجنب أخطاء سابقة مع الطفل الأول أو الثاني.
وإذا كان العلماء اختلفوا في تعريف الذكاء ، وأعطوه أكثر من تفسير أو تعريف . من أهمها أن الذكاء يعني قدرة الإنسان على ربط العلاقة بين الأشياء ، أو أنه : هو القدرة على التفكير السليم والاستنباط ؛ بمعنى استنتاج المعنى من وراء أي كلمة أو مفهوم والاستفادة من الخبرات السابقة وبعد النظر في الحكم على الأمور ، أو أنه يعني القدرة على حل المشاكل بتلقائية دون الاستعانة بالخبرات المشابهة السابقة وأن الذكاء هو القدرة على إقامة العلاقات الاجتماعية مع القدرة على التصرف في وسط الجماعة.
الذكاء الوجداني
" الذكاء ليس شيئاً يوجد مباشرة في الطبيعة قد ننجح في عزله وقياسه ، فهو مفهوم نجده صالحاً لوصف سلوك الإنسان . ( ياسين ، 1981 : 49 ( . لذلك فإن هناك ذكاء من نوع آخر وهو ا لذكاء الوجداني emotional intelligence.
ويشير أنصار الذكاء الوجداني إلى أن الذكاء التقليدي، مقاساً بنسبة الذكاء، ليس قميناً بتحقيق النجاح في الحياة، حيث يحقق بعض محدودي الذكاء، بالمقياس التقليدي، نجاحات باهرة بينما يفشل بعض من مرتفعي نسبة الذكاء ذريعاً.
وتتفاعل في تكوين الذكاء الوجداني، بدوره، قدرات متعددة، بعضها نفساني والآخر اجتماعي، تشمل ضبط النفس، والتحكم في المزاج، والحماس، والمثابرة، وحفز الدافعية الذاتية، وإرجاء الإشباع، ومنع الإحباط من تعطيل القدرة على التفكير، وإعلاء الأمل، والتعاطف مع الآخرين.
وكل هذه القدرات يمكن اكتسابها إلى حد بعيد من خلال التنشئة والتعليم السليمين، الأمر الذي يمكِّن الأطفال، سعيدي الحظ في التنشئة والتعليم، من اكتساب مستوى مميز من الذكاء الوجداني.
وهناك مبرر للاهتمام بالذكاء الوجداني، ففي عالم يتسم التعامل فيه بين البشر بالوحشية بوتيرة دائبة التصاعد، تتوافر دلائل قوية على أن المواقف الأخلاقية السوية تنبع من الإمكانات الوجدانية الأساسية للأفراد. وعلى سبيل المثال، فإن التعاطف مع الآخرين هو منبت الإيثار بينما تنتج الأثرة من قلة الاهتمام بالغير.
من مزايا اختبارات الذكاء الفرديه :
_ تصلح للتطبيق على الشخص الذي لا يجيد القراءه والكتابه .
_ معرفه مدى تعاون المفحوص في اداء الاختبار ومدى انفعالاته .
_ امكانيه تشجيع المفحوص لبذل اقصى ما يمكنه من الجهد وملاحظه سلوكه .
_ ياخذ الباحث صوره شامله عن شخصيه المفحوص .
_ يصلح لقياس ضعاف العقول .
_ تحتاج الى شخص متدرب لاجرائها على المفحوصين .
الخلاصة
- اختلف علماء النفس والتربية قديماً وحديثاً في تحديد مفهوم الذكاء مفهوماً دقيقاً .
- عند التعرض لمفهوم الذكاء يكون ذلك من خلال عدة اتجاهات منها : ( تكييف الفرد مع البيئة – قدرة الفرد على التعلم – قدرة الفرد على التفكير المجرد – القدرة الكلية على التفكير المنطقي ( .
- كان ( بينيه ) واحداً من الذين ساهموا في ميدان القياس للقدرات العقلية وذلك بوضعه مقياساً موضوعياً دقيقاً للذكاء .
- الاتجاه الحديث هو توسيع إطار الاختبارات لتستوعب عدداً من الذكاءات وليس ذكاء واحداً
- ترجع أهمية مفهوم تعدد الذكاوات لفتح باب الابتكار والإبداع في مجالات التعلم والتنشئة .
- من أنواع الذكاء : الذكاء الاجتماعي ، وهو القدرة على فهم الآخرين وكيفية التعامل معهم
- لا يقاس الذكاء بآلة أو جهاز ولكن يمكن تقدير مستويات الذكاء نسبياً بشكل غير مباشر عن طريق ملاحظة السلوك العام أو بعض مظاهر السلوك أثناء تأدية الفرد لبعض النشاطات العقلية نظرية كانت أم عملية أم اجتماعية.
_ الذكاء مفهوم فرضي لا يمكن تحديده ( ظاهره تفترض وجودها رغم عدم قدرتنا على تلمسها بشكل محسوس مباشر ، انما تفترض وجودها من خلال اثارها ومظاهرها الماثله امامنا .
_ نجد ان محتوى اختبار بنيه لا يثير اهتمام الراشدين أي ينقصها الصدق الظاهري . ومن ثم يصعب تكوين علاقه طيبه بين الفاحص والمفحوص الراشد.
معنى الصدق الظاهري : أي ان الفحص يبدو صادقا بالنسبه للمفحوص او لمن ينظر اليه .
_ كذلك نجد ان هذا المقياس يؤكد على عامل السرعه في معظم الاختبارات الامر الذي قد يقلل من مستوى الاداء الحقيقي للفرد .
_ لا يصلح مقياس بنيه لقياس القدره على الاستبصار والاصاله وتنظيم الافكار .
_ يتاثر اداء الشخص في هذا المقياس بشخصيته وكثيرا من عاداته الانفعاليه مثل الخجل من الغرباء ونقص الثقه في الذات والخوف من الوقوع في الخطا.
_ اهتمامه بالنواحي اللفظيه .
_ يصعب تطبيق هذا الاختبار على المكفوفين والصم .
_ نجد ايضا ان اختبارات الذكاء تعتمد على عنصر اللغه والقراءه بشكل اساسي .
_ وفي الذكاء الاجتماعي كان الاختلاف أكثر عمقاً لأن مفهوم الذكاء الاجتماعي أقل إثباتاً وتناوله أكثر من تخصص .
_تم تعرف الذكاء الاجتماعي بانه : _فهم الناس بكل ما يعنيه هذا الفهم من تفرعات أي فهم افكارهم واتجاهاتهم _ومشاعرهم وطبعهم ودوافعهم والتصرف السليم في المواقف الاجتماعية بناء _على هذا الفهم ،
ويعرفه اجرائياً بأنه ما يقيسه مقياس الذكاء الإجتماعي في هذا أن الذكاء الاجتماعي أكثر أهمية من القيم الاجتماعية بالنسبة للتوافق الاجتماعي .
- التطرف في القيم الاجتماعية والتي تعني الإهتمام الزائد أو غير المعتدل بالأخرين يقلل من التوافق الاجتماعي.
- تطبيق مقاييس واختبارات الذكاء الاجتماعي والتوافق النفسي والاجتماعي والقيم على الطلبة الراغبين في الإلتحاق في قسم علم النفس لما لهذه الخصائص من علاقة هامة بمهنة المرشد والأخصائي النفسي .
- عمل برامج ارشادية لدعم التوافق النفسي والاجتماعي
- بناء مقياس للقيم منطلقاً من الثقافة االعربية الإسلامية وعلى أسس علمية نفسية اجتماعية موضوعية .
_ يعكس هذا النوع من الذكاء قدرة الفرد على فهم وإدراك وملاحظة مشاعر الآخرين وحالاتهم المزاجية، واحتياجاتهم، وتنعكس هذه القدرة في مهارات تعامل الفرد مع الآخرين وتحفيزهم.
_ يتمتع بهذا النوع من الذكاء: المعالجون النفسيون، رجال المبيعات، المدرسون، المستشارون، مرشدو الشباب، العاملون في المجال الاجتماعي، رجال الدعوة، المدربون الرياضيون، مشرفو نشاط الأطفال...
مميزات الذكاء الاجتماعي :
يتميز من يتمتع بهذا الذكاء بالصفات التالية:
- يستمتع بصحبة الناس أكثر من الانفراد.
- يبدو قائدًا للمجموعة.
- يعطي نصائح للأصدقاء الذين لديهم مشكلات.
- يحب الانتماء للنوادي والتجمعات أو أي مجموعات منظمة.
- يستمتع بتعليم الآخرين بشكل كبير.
- لديه صداقة حميمة مع اثنين أو أكثر.
- يبدي تعاطفا واهتماما بالاخرين .
- الآخرون يبحثون عن تعاطفه أو اهتمامه وصحبته.
- يسعى الآخرون لمشورته وطلب نصحه.
- يفضل الألعاب والأنشطة والرياضات الجماعية.
- يسعى للتفكير في مشكلة ما بصحبة الآخرين أفضل مما يكون بمفرده.
- يبدو جذابا مشهورًا له شعبية.
- يعبر عن مشاعره وأفكاره واحتياجاته.
- يحب المناقشات الجماعية والاطلاع على وجهات نظر الآخرين وأفكارهم.
- يمكنه التعرف على مشاعر الآخرين، وتسميتها.
- يمكنه الانتباه لتغير الحالات المزاجية للآخرين.
- يحب الحصول على آراء الآخرين ويضعها في اعتباره.
- لا يخشى مواجهة الآخرين.
- يمكنه التفاوض.
- يمكنه التأثير في الآخرين.
- يمكنه عمل مناخ جيد أثناء وجوده.
- يمكنه تحفيز الآخرين ليقوموا بأفضل ما لديهم
الذكاء الاجتماعي.. شرط النجاح في الحياة الحديثة(3)
يعرف الذكاء الاجتماعي بأنه القدرة على فهم الناس وتكوين علاقات اجتماعية ناجحة معهم، ويختلف عن الذكاء اللفظي أو المعنوي الذي يعرف بأنه القدرة على فهم واستخدام الرموز والألفاظ والمعاني وإدراكها بشكل فعال، ويختلف أيضاً عن الذكاء العملي الذي يظهر بشكل واضح من خلال المهارات العملية اليدوية الميكانيكية والتعامل مع الأشياء المادية المحسوسة، وهناك تعريفات عدة للذكاء الاجتماعي، فعلى سبيل المثال يمكن تعريفه بأنه القدرة على إدراك العلاقات الاجتماعية والتفاعل الجيد مع الناس، وحسن التصرف في المواقف الحياتية اليومية والأوضاع الاجتماعية المختلفة والقدرة على التكيف معها، مما يؤدي إلى شعور الفرد بالتوافق الاجتماعي ويعمل على نجاحه في الحياة الاجتماعية، ايضاً يمكن أن يعرف بأنه حسن التصرف في المواقف الاجتماعية، والقدرة على التعرف إلى الحالة النفسية للمتحدث والقدرة على تذكر الأسماء بما فيها الأشخاص والأماكن، والقدرة على تمييز الوجوه وسلامة الحكم على سلوكيات البشر والقدرة على مشاركة الناس في مختلف المناسبات الاجتماعية بما فيها أفراحهم وأتراحهم. وللذكاء الاجتماعي مظاهر عامة، نستطيع من خلالها تمييزه، وتتلخص أهم هذه المظاهر في أمور عدة أهمها: النجاح الاجتماعي، ويشمل النجاح في التعامل مع الآخرين والقدرة على فهمهم والتواصل معهم، وكذلك النجاح في الاتصال الاجتماعي مهنيا وإداريا. الكفاءة الاجتماعية، وتتضمن السعي لتحقيق الرضا في العلاقات الاجتماعية، وتحقيق التوازن المستمر بين الفرد وبيئته الاجتماعية لإشباع الحاجات الشخصية والاجتماعية. التوافق الاجتماعي، بمعنى تحقيق السعادة مع الآخرين والالتزام بأخلاقيات المجتمع ومسايرة القيم والمعايير الاجتماعية والامتثال لأهم قواعد الضبط الاجتماعي وتقبل التغير الاجتماعي والتفاعل السليم والعمل لمصلحة الجماعة وتحقيق السعادة الزوجية، مما يؤدي إلى تحقيق الصحة الاجتماعية. المسايرة، بمعنى الالتزام سلوكيا بالمعايير الاجتماعية في المواقف والمناسبات الاجتماعية. مراعاة الذوق العام للمجتمع، وتشمل اتباع سلوكيات مرغوبة اجتماعيا والتعامل السليم واللبق مع الآخرين من خلال تطبيق أساليبه وفنياته.
أما مظاهره الخاصة فتتمثل في: حسن التصرف في المواقف الاجتماعية، من خلال التصرف السليم والتحلي باللباقة والالتزام بالمعايير الاجتماعية في المواقف الاجتماعية العامة ومواقف التفاعل الاجتماعي والمعاملات دون احراج الفرد وإحراج الآخرين ودون اللجوء إلى الكذب والنفاق. التعرف إلى الحالة النفسية للآخرين، بمعنى القدرة على تمييز الحالة المزاجية للأشخاص من خلال طريقة تحدثهم وتصرفهم، كما في حالة الفرح أو الحزن أو الغضب أو الثورة. القدرة على تذكر الأسماء والوجوه، وتشمل اهتمام الفرد بالآخرين وقدرته على تذكر وجوههم وأسمائهم. روح الدعابة والمرح، وتشمل القدرة على فهم النكتة من خلال الاشتراك مع الآخرين في مرحهم ودعابتهم وظهور علامات المحبة والألفة المتبادلة مع الآخرين.
وأخيراً فإن من أهم واجبات الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام العمل على رعاية الذكاء الاجتماعي وتنميته لدى الأطفال والبالغين من الشباب، عن طريق تعليمهم مهارات التصرف الاجتماعي الذكي والسليم في كافة المواقف من خلال تطبيق المعايير السليمة والقيم الاجتماعية والأخلاقية والدينية، عن طريق تدعيم المظاهر العامة والخاصة للذكاء الاجتماعي من خلال عقد الدورات والبرامج الاجتماعية المتميزة والتي تختص بهذا النوع من الذكاء.
مشكلة اسمها "الذكاء الاجتماعي"!(4)
عنوان هذا المقال يستهدف بالدرجة الأولى استفزاز القارئ الذي تعلم طول حياته أن الذكاء الاجتماعي ميزة وليست مشكلة، والذي يرى كل يوم كيف يصعد أولئك الأشخاص الذين يمتلكون القدرة على بناء العلاقات الاجتماعية مع علية القوم ويحصلون على الكثير من الميزات بسبب ذلك، رغم أنهم أحيانا لا يملكون أي مهارات أخرى، بينما يهبط أولئك الأشخاص الذين قد يمتلكون كل المهارات إلا القدرة على بناء حديث جميل وجذاب ومرح مع الآخرين، ويكون دمهم الثقيل سببا في فشلهم ومحدودية تطور حياتهم العملية، بل والشخصية أيضا.
الذكاء الاجتماعي ميزة ولا شك، ولكن إذا كان صحيحا ما يقوله الناس من أن القدرة الناجحة على بناء العلاقات هي البوابة الوحيدة للنجاح في مجتمعنا فنحن أمام مشكلة حقيقية، وهذه المشكلة ترى آثارها في كثير من قصص الفشل الإدارية أو المهنية. المشكلة هنا عندما يتم منح منصب معين أو مسؤولية معينة لشخص لا يمكنه فعلا القيام بها، ولكنه فاز بهذه الثقة فقط بسبب قدراته الاجتماعية المميزة، وهذا يعني أن تجد مديري شركات ورؤساء لجان ومسؤولين حكوميين قادرين على بناء علاقات اجتماعية قوية ولكن قدرتهم الحقيقية على التفكير والتخطيط والعمل الجاد والدؤوب محدودة جدا، الأمر الذي يمثل في كثير من الأحيان الخطوة الأولى نحو الفشل.
بل إنك لو راقبت الأمر لوجدت أن كثافة العلاقات الاجتماعية تتناقض في كثير من الأحيان مع النجاح في العمل، وباستثناء بعض المناصب والمهن، فإن النجاح في العمل يتطلب الاستفادة من كل دقيقة وقت في إنجاز العمل، وهذا يتعارض من متطلبات العلاقات الاجتماعية عادة التي تعني قضاء وقت طويل على الهاتف أو في المناسبات الاجتماعية والسهر حتى وقت متأخر من الليل .. إلخ.
حل هذه المشكلة متمثل ببساطة في ألا يتم اختيار الناس للمسؤوليات على أساس قدراتهم في إقناع الآخرين بتميزهم وعدم الاعتماد فقط على المقابلة الشخصية، بل تكون هناك قائمة من المهارات والمتطلبات التي تحدد الشخص المناسب للوظيفة.
علم الإدارة الحديث، الذي كان أحد أهداف إيجاده علاج مثل هذه المشكلات، يحاول وضع منطق لكل قرار إداري يتخذ، وقرار تعيين شخص ما يفترض أن يكون مربوطا بأهداف محددة ينبغي على هذا الشخص إنجازها، وهذا مرتبط بمجموعة من المهارات والخبرات التي يجب أن يمتلكها الشخص، التي ينبغي رسم مجموعة من الاختبارات والأساليب لمعرفة مدى توافرها لدى الشخص المرشح للوظيفة أو المسؤولية.
إذا التزم صانع القرار بهذه الأساليب العلمية في اختبار المرشحين، فهو سيختار بطبيعة الحال أفضل المتقدمين للوظيفة، وليس الشخص الذي يملك "الكاريزما", والذي نال إعجابه وميله القلبي وأقنعه بأنه يستطيع تحويل التراب إلى ذهب لو منح الفرصة اللازمة لذلك.
هل هذا الموضوع جوهري فعلا بحيث تخصص له مقالة كاملة؟
في اعتقادي الجواب نعم لسببين رئيسيين:الأول أنني أعتقد أن هذه القضية تمثل سببا رئيسيا لفشل كثير من المؤسسات في القطاعين العام والخاص. إننا جميعا ندرك قيمة الإدارة في نجاح أي مؤسسة، وكلنا رأى يوما مؤسسة تملك كل مقومات النجاح فشلت بسبب مدير لا يدير بالطريقة الصحيحة.
الثاني أن هناك عددا لا يحصى من القدرات الشابة والنابغة في مختلف المجالات ولا يتاح لها الفرصة للعطاء والنمو بسبب ضعف قدراتها الاجتماعية وبسبب شخصياتها المباشرة أو غير الاعتيادية. في الحقيقة لو راقبت ستجد أن معظم المتفوقين دراسيا لا يملكون مهارات اجتماعية عالية، لأن قضاء نسبة عالية من الوقت في التحصيل العلمي يتنافى مع قضاء نسبة عالية من الوقت مع الأصدقاء والأقرباء وتعلم المهارات الاجتماعية.
إنني أتمنى أن تكون هناك مؤسسة غير ربحية يشارك في أنشطتها مجموعة من الخبراء في مجال الموارد البشرية التي تعمل مع مختلف المؤسسات على علاج مثل هذه المشكلة العويصة وتطوير أنظمة اختيار الموظفين وترقيتهم ومنحهم المسؤوليات، ووضع الأسس العلمية لذلك.
المشكلة التي ستواجهها هذه الجهود أيا كان مصدرها أن كثيرا من المديرين الحاليين في المؤسسات الخاصة أو الحكومية وصلوا إلى كراسيهم بسبب قدراتهم الاجتماعية وليس بسبب خبراتهم أو كفاءاتهم، ما يعني ببساطة أن هؤلاء سيكونون أول من يحارب جهود التطوير الإداري لمؤسساتهم وأول من يحارب هذا التغيير.
هذه المشكلة ليست مشكلة جديدة بالمناسبة، فقد كان العرب دائما يكرهون "الثقلاء" ويعشقون "من تحلو منادمته"، وقصص الخلفاء في هذا كثيرة جدا عندما يقربون أشخاصا لقدرتهم على كسب قلب الخليفة، ويبعدون أشخاصا لأن حديثهم يجلب النعاس إلى عيونه.
حتى حل هذه المشكلة، أنصح الجميع بإعطاء قدراتهم الاجتماعية أولوية خاصة، فهي كما يبدو خلطة النجاح بلا منازع.
يتبع